لا شك أنه صلى الله عليه وسلم مرسل رحمة للعالمين أجمعين ، سر قوله سبحانه وتعالي
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} الأنبياء107
وأكبر مثل علي تلك الرحمة ، هو أنه صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى سدرة المنتهي ، وكان بصحبته جبريل ، فقال له : آلك حاجة ؟ ، قال: نعم . قال له ماذا تريد ؟ ، قال له : يا رسول الله منذ خلقني الله وأنا أبكي خوفا من غضبه وسخطه ، فأرجو أن تطلب من الله لي الأمان - فهؤلاء القوم الذين لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ، لماذا يخافون من غضب الله؟ لانهم رأوا واحدا كان طاوسا لهم ، وقد عبد الله إثنتين وسبعين ألف سنة ، فقد ورد فى الأثر
{مَا مِنْ مَوْضِعِ شِبْرٍ فِي السَّمَوَاتِ السَّبْعِ ، إلا وَلإبْلِيسَ فِيهِ سَجْدَةٌ للهِ تَعَالَيَ}فلا يوجد شبر في السموات ، إلا وسجد فيه سجدة لله ، وبعد عبادة الإثنين والسبعين ألف سنة هذه ، قدَّر الله له أن يعصي الأمر ، فكان عاقبته أن صدر علية القرار الإلهي
{قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ} الأعراف18
وفي الآية الأخري
{وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} ص78
فلما رأي الملائكة هذا المنظر ، خافوا ؛ فهذا رئيسهم وفي لحظة ، عصي أمر الله فطرد من فضل الله ، ومن رضوان الله ، ومن رحمة الله ، فقال له : أنا أريد الأمان ، فأنا منذ هذه الحادثة ، وأنا أبكي ، فأريد أن تطلب لي من الله الأمان ؟ ، فطلب له الرسول صلى الله عليه وسلم الأمان من الله في هذه الليلة ، وفورا نزل قول الله تعالي
{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ{193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ{194} بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ{195} الشعراء
فعندما نزلت كلمة " أمين " ؛ أخذ الأمان من الله سبحانه وتعالي ؛ فأحبَّ أن يشكر رسول علي هذا الجميل ، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقال : سأضع جناحي علي الصراط يوم القيامة لتعبر عليه أمتك فلا يتساقطون في النار ، فهو صلى الله عليه وسلم رحمة للكلِّ ، حتى الحيوانات وللطيور ، فلكلِّ شئ نصيب في رحمة رسول الله ، ولذلك قال
{إنَّمَا أنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ}[1]
فهو رحمة شاملة ، وربنا أمرنا أن ناخذنا نصيبنا من هذة الرحمة ولا نتركه ، فكل واحد منا له نصيب من رحمة
رسول صلى الله عليه وسلم ، جزء من هذه الرحمة في الدنيا ، والباقي في الآخرة ، حتي أن الرسول قال
{إنَّ اللَّهَ تَعَالىٰ خَلَقَ مِائَةَ رَحْمَةٍ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، كُلُّ رَحْمَةٍ مِنْهَا طِبَاقُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْض فَأَهْبَطَ رَحْمَةً مِنْهَا إلىٰ الأَرْضِ ، فَبِهَا تَرَاحَمَ الْخَلْقُ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلىٰ وَلَدِهَا- حتي الحيوانات المتوحشة تجد لها شفقة ورحمة علي أولادها من هذة الرحمة -، وَبِهَا تَشْرَبُ الطَّيْرُ وَالْوُحُوشُ مِنَ الْمَاءِ ، وَبِهَا تَعِيشُ الْخَلائِقُ ، وَإذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ إنْتَزَعَهَا مِنْ خَلْقِهِ ، ثُمَّ اقْتَصَرَهَا عَلىٰ النَّبِيِّين ، وَزَادَهُمْ تِسْعاً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً}[2]
وفى الحديث
{وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَغْفِرَنَّ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْفِرَةً مَا خَطَرَتْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَغْفِرَنَّ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْفِرَةً يَتَطَاوَلُ بِهَا إِبْلِيسُ رَجَاءَ أَنْ يُصِيبَهُ}[3]
وهذة الرحمة بسبب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك قال لنا الله في القرآن تذكروا هذه النعمة ولا تنسوها
{وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ} آل عمران103
نعمة ماذا يارب؟ الاكل؟ أو الشرب؟ أو العينين؟ أو اليدين؟ أو الرجلين؟ أو العقل؟ قال لا ، هذة النعمة
{إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} آل عمران103
[/size]
[size="3"]
{1} رواه البخاري في التاريخ والأدب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه
{2} عن سليمان رضى الله عنه فى جامع المسانيد و المراسيل و له روايات عدة بأسانيد مختلف
{3} حامع المسانيد حذيفة بن اليمان رضي الله عنه[/size]
http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%CD%CF%ED%CB%20%C7%E1%CD%DE%C7%C6%DE%20%DA%E4%20%DE%CF%D1%20%D3%ED%CF%20%C7%E1%CE%E1%C7%C6%DE&id=49&cat=4
[URL="http://www.fawzyabuzeid.com/downbook.php?ft=word&fn=Book_hadith_elhakaek_an_Kader_sayed_Elkhalaek.doc&id=49"][SIZE="5"]منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً[/SIZE][/URL]
[/frame]